أنا فتاة في الثانية والعشرون من عمري ولكن إذا رأيتني ستقول أنني في الأربعين من العمر
هذه حكايتي أكتبها وأنا أصارع الموت على فراشي وقاتلي يبكي بجانبي لا أطيل عليكم
فهاك حكايتي:
كنت في بيت أبي وحيدة كنت أشعر و أنا في كنفهِ عزيزة لم يكن أبي يشعر بالفرح رغم
أنه كان يريد أن يدخل في قلبي السرور ومضت الأيام وأصبحت في سن العاشرة حين
رُزق أبي بطفلٍ سماه أحمد لم أستطيع أن أصف فرح أبي وأمي فقد تغيروا إلى الأفضل
وبدأت أشعر أنهم لم يعودوا بالاهتمام بفرحي ....مرض أخي الصغير ولم أشعر بأيام
مرضه لحزني ولكن أتى اليومِ الذي أذكره كذكر يومي عندما دخل أبي و الدمع على
عينه و قال قد مات أحمد .لم أشعر بدمعي وهو يسيل على خدي فذهبت لأبي وقلت
ألم أره بعد ذلك فجاء رده على شكل لطمه قوية هذه اللطمه هي أول معاناتي سقط
وقد زاد دمعي وشعرت أن الدنيا أظلمت من حولي ولم يعد لي حبيبٌ في الكونٍ
وبعد هذا اليوم لم أعد أشعر بلذة الفرح فكان أبي وأمي يعاملاني وكأني أنا
من قتلت أخي فلم أعد أرى البسمة ولم يُسمح لي بالكلام ولو بهمسة
وأصبح أبي لا يعرف الرحمة ولم أشعر في البيت إلا أكثر من كلبَه
تأكل وتذاكر وتُسب وتُهان وتنام باكيه فلم أعد أشعر بالنشوة مرت الأيام
والشهور والسنون ودخلتُ الثانوية وحان وقت الشهادة النهائية ويا سبحان الله
لقد أتيت بمجموع كبير سأدخل الكلية التي أحلم بها ذهبت لأبي لأخبره
قائلة: أبي متى ستأتي لتُقدم لي في الكلية
رد قائلاً بالصاعقة: لا ستدخلين الكلية التي أريدها
أنا: لما أبي أنا ...........
هو: أنتِ لا تعرفين شيء عن مصلحتك
أنا باكية: وما هي مصلحتي
هو: زوجٌ وبيت وحياة أخرى بعيدة عنا
لم أتملك نفسي فجريت إلى حجرتي وأجهشت في البكاء وظللت لأخر
الليل أفكر قليلاً وابكي قليلاً حتى جاء الصباح وذهبت مع أبي وأنا
مجبرة لكي أسجل في الكلية المكروهة لدي.
مرت الليالي والحزن عالق بوجهي لا يفارقه حتى جاء أول يوم لي
في الكلية ذهبت برجلي الثقيلة المترددة ولا أعرف ما خطبي ولا
أملي دخلت الكلية ورأيت الفتيات الضاحكات والشباب مستبشرين وأنا وحدي في كآبة
واتخذت أحد الأركان مجلساً لي ومقراً حتى لا يعرف أحد بمشكلتي فأنا لا أريد أن
أجعل أحد يشاركني أحزاني ومر أول أسبوع وما زلت حزينة أذهب من بيتي إلى
الجامعة إلى مجلس إلى محاضراتي إلى بيتي لا أكثر من ذلك حتى جاء اليوم الذي
وقعتُ في الحب من أول نظرة إلى شاب هادئ أظن أنه يحمل الكثير في قلبه
كان يجلس وحيداً.....مثلي!
في الليل كان قلبي يدق بشدة أشعر أنني قد أموت في لحظة ونظرت إلى المرآة
ووجدت الحزن لا يزال على وجهي
ناديت: يا قلبي ويحك أتحب وأنا أعيش في أشجان الحياة وأعاني مصائب الدهر
ويحك
فَرَد: لا أستطيع أن أصبر كل مرة على الحزن
أنا: أخاف من الحب فأنا طوال عمري في حزن لم أسمع بالحب إلا من صديقاتي
ولم أستشعره في حياتي
هو: كفاني قد مشيت طوال حياتي تحت رايتك فلم أصاب إلا بالشجون والأحزان
وطعم الحرمان في كل وقت من الزمان فالآن قد حان أن تتركين هذه الأحزان وتبتسم
تلك العينان
أنا: لست السبب فأنا والحزن لا نفارق بعضنا حتى في أسعد أوقاتي أجده أمامي
فلم أعد أعرف سواه وأنا دائمة محلقة في سماه وهو يضمني بين عيناه
قلبي: الحزن لا يفارقنا أبداً فوجب علينا أن نفارقه نحن سنقدر على أي شيء سوياً
مر الليل ولم أشعر به وقد قررت أن أنسى همومي وأفتح الكتاب من أوله
جلست في مجلس في الكلية وما هي إلا حتى رأيت هذا الشاب نظرت إليه
فإذا هو يقترب ويقترب وقلبي يدق بشدة وقدمي كادتا أن تهوي فإذا بهذا الشاب
أمامي عيناه في الأرض احتراماً قال لي بصوت عذب لا يسمع قلبي مثله
في حياتي : السلام عليكم
فردتً بلسان متلعثم: وعليكم السلام.
فقال: أراكِ منذ أول الدراسة تجلسين بمفردك لأنك تبدين لا تعرفين أحد
أنصحك أن تأتي إلى المسجد ففيه اخوات فاضلات يقتلن وحدتك بالخير
فقلت وقد بدأت أهدأ: إن شاء الله
ابتسم الشاب ثم رحل . رحل مخلفاَ بسمة التي زينت وجهي والنشوة
التي غمرت قلبي وأجمل سمه رأتها عيني نسيت حزني وهمي جلست
أفكر طوال محاضراتي وقد شغلت بسمته فكري ذهبت إلى بيتي وظننت
أن الفرح دق بابي وأخيراً سأجد هدفاً في أحلامي من اليوم قد تغيرت حياتي
وما إن دخل الليل وأنا بهذه الحالة كنت جالسة سرحانة فأبى الحزن أن أفارقة
فسرحي لم يسمعني طرق الباب وعندما سمعته قد اشتد الطرق ففتحت فوجدت
أبي وأمي ونارا الغضب تشع من عينهما اتجاهي
أبي: ألم أقل لك لا تغلقين بابك إذا كنت نائمة
أنا: لست نائمة فأنا كنت...........
أمي قاطعتني بغلظة: إذاً أي شيء تفعليه لا تريد بنا ألا نراه هل هذه الجامعة
ستفسدك وتترك لك الزمام ومن هنا سال علي سيل من الإهانات والتهديدات
والتوعدات وذهب أبي وأمي وقد طردوا الفرح والسرور من قلبي فجلست
أبكي على فراشي حتى تمكن مني النوم في الصباح الباكر ذهبت إلى
الكلية...... إلى المسجد فوجدت الشباب جالسين والفتيات وراء الستار فدخلت
مع الفتيات فإذا بفتاة ترحب بي بحرارة وأنا لا أعلم من هي وعرفتني على الفتيات
وأنا في حيرة من أمرها وأخيراً علمت أنها أخت هذا الشاب الذي ......
ياه قد أخبرها عني........لقد تكلم عني........لقد ذكرني لأخته..........
جلست وسطهن شاردة الذهن حتى أتى أحد الطلاب وبدأ في خطبة كانت بعنوان
(الحياة الآخرة) شدت ذهني بشدة بعد قليل رأيت بحر الدموع الذي يسيل من الفتيات
تنبهت لهذا الأمر إنهن يحملن مشاعر قاتلة وقلوباً رقيقة وعقولاً ناضجة انتهت الخطبة
وحان الخروج ورأيت هذا الشاب وعيناه حمراوتان فتمنيت في هذه اللحظة أن أكون
مجففة لدموعه وماسحة لأشجانه قلبي لا يحتمل حزنه ذهب عني وذهبت مع أخته
ولحسن حظي إنها كانت في صفي فكانت أول صديقاتي في هذه الكلية مرت الشهور
وأنا أرى بسمة عينه وهدوء نفسه وعلمتُ من أخته أنه يحمل مسؤولية شركة أبيه
بعد موته تعلمت كثيراً من أخته في الدين والعلم والحياة التي كنت أحلم عيشها ولكن
قسمت وقتي بين فرحي وحزني فحزني في البيت وفرحي بعيداً عنه حتى آتى اليوم
الذي كنت أنتظره اليوم الذي ستتبدل حياتي كلها فرحاً قد أصبحت في السنة الثالثة
من الحب الصامت إذا بإخته أتت على حياء
قالت: أخي يريد أن يخطبك أتوافقين؟
أحسست أن الدنيا كلها رقصت في ووجهي أحسست أنني لم أعرف الحزن في
حياتي ولم أطيل إجابتي عليها فأدليت ببسمة رقصت على ثغري وقد فهمَت هي
قصدي...
قالت: بارك الله لك يا أختي
وما هي إلا لحظه حتى ساد الحزن فسألتني: لما
فنظرت إليها ولم أكن أخبرتها بحياتي فقصصت عليها قصتي فقالت لا تحملي الهم
اصبري سيأتي اليوم وتخرجي من هذا الغم حددت لي الموعد الآتين إلى أبي فيه
جلست أنتظر وأنتظر حتى جاء وأمه دخلا بيتنا وجلست أختلي السمع فقدَمَ الشاب
نفسه ومهَد للموضوع ثم طلب يدي
رد أبي: أتوافق ابنتي عليك زوجاً
هو: نعم فقد سألتها أختي وبدت موافقة
بعد صمت طويل تكَلم أبي وأنا أريد السمع ما الرد؟
أبي: لا أوافق
لم أشعر بشيء إلا الدموع قد علت عيني وقلبي توقف ولم أسمع غير هذه
الخطوات الخارجة من بيتنا مكسورة القلب فإذا بأبي أمامي ينظر إليَ في
غلظة في هذه اللحظة لأول مره تجردت من شعوري وحزني
وقلت: أنت ظالم أنت ليس بأب بل بجاهل
قلتها وهي تحمل كل معنى للغضب.... كل معنى للكبت ....
كل معنى لانفلات الشعور...كل معنى ينطقه إنسان مظلوم فإذا الدم يسيل
من فمي لصفعة أبي عليه فقدت الوعي ولم أعد أشعر بشيء استيقظت
فإذا أبي باكٍ على يميني الطبيب على يساري
قال لي أبي: ابنتي
فقلت: لست ابنتك لم تبكي لن أسامحك في حياتي قلتها وصوتي ضعيف
ولا أقدر على الحركة وبعدت نظري عن أبي وأخذت قلمي وورقتي وشرعت
أكتب قصتي ...
ها أنا أصارع الموت موت الحب الذي لزمتني ثلاث سنوات وانتهى
بالآلام والآهات بعدما عشت في حياتي مذلات ترون ذلي في طيات
الكلمات اللهم لا ترزق أباٌ كهذا لإحدى الفتيات
تأليف/ حازم زكريا